فصل: تفسير الآيات رقم (13- 21)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***


تَفْسِيرُ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

تفسير الآيات رقم ‏[‏1- 6‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏‏.‏

يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ‏}‏‏:‏ إِذَا نَزَلَتْ صَيْحَةُ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ حِينَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ لِقِيَامِ السَّاعَةِ‏.‏

كَمَا حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ‏}‏ يَعْنِي الصَّيْحَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ‏}‏ الْوَاقِعَةُ وَالطَّامَّةُ وَالصَّاخَّةُ، وَنَحْوُ هَذَا مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ، عَظَّمَهُ اللَّهُ، وَحَذَّرَهُ عِبَادَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى‏:‏ لَيْسَ لِوَقْعَةِ الْوَاقِعَةِ تَكْذِيبٌ وَلَا مَرْدُودِيَّةٌ وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَالْكَاذِبَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَصْدَرٌ، مِثْلُ الْعَاقِبَةِ وَالْعَافِيَةِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ‏}‏‏:‏ أَيْ لَيْسَ لَهَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَلَا رَجْعَةٌ، وَلَا ارْتِدَادٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَثْنَوِيَّةٌ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ الْوَاقِعَةُ حِينَئِذٍ خَافِضَةٌ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا، أَعِزَّاءَ إِلَى نَارِ اللَّهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏رَافِعَةٌ‏)‏ يَقُولُ‏:‏ رَفَعَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا وُضَعَاءَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ‏.‏ وَقِيلَ‏:‏ خَفَضَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَدْنَى، وَرَفَعَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَقْصَى‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَا‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي الْعَتَكِيَّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ السَّاعَةُ خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ إِلَى النَّارِ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ إِلَى الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ تَخَلَّلَتْ كُلَّ سَهْلٍ وَجَبَلٍ، حَتَّى أَسْمَعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ، ثُمَّ رَفَعَتْ أَقْوَامًا فِي كَرَامَةِ اللَّهِ، وَخَفَضَتْ أَقْوَامًا فِي عَذَابِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ وَقَالَ‏:‏ أَسْمَعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ، خَافِضَةٌ أَقْوَامًا إِلَى عَذَابِ اللَّهِ، وَرَافِعَةٌ أَقْوَامًا إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ خَفَضَتْ وَأَسْمَعَتِ الْأَدْنَى، وَرَفَعَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَقْصَى قَالَ‏:‏ فَكَانَ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ مِنَ اللَّهِ سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ سَمَّعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ‏}‏ خَفَضَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَدْنَى وَرَفَعَتْ فَأَسْمَعَتِ الْأَقْصَى، فَكَانَ فِيهَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ سَوَاءً‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فَحَرَّكَتْ تَحْرِيكًا مِنْ قَوْلِهِمُ السَّهْمُ يَرْتَجُّ فِي الْغَرَضِ، بِمَعْنَى‏:‏ يَهْتَزُّ وَيَضْطَرِبُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ زَلْزَلَهَا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُ اللَّهِ ‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ زُلْزِلَتْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ زُلْزِلَتْ زَلْزَلَةً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ زُلْزِلَتْ زِلْزَالًا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فُتِّتَتِ الْجِبَالُ فَتًّا، فَصَارَتْ كَالدَّقِيقِ الْمَبْسُوسِ، وَهُوَ الْمَبْلُولُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا‏}‏ وَالْبَسِيسَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ‏:‏ الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ تُلَتُّ وَتُتَّخَذُ زَادًا‏.‏

وَذُكِرَ عَنْ لِصٍّ مِنْ غَطَفَانَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَخْبِزَ، فَخَافَ أَنْ يُعَجَّلَ عَنِ الْخَبْزِ، قَبَلَّ الدَّقِيقَ وَأَكَلَهُ عَجِينًا، وَقَالَ‏:‏

لَا تَخْبِزَا خَبْزًا وَبُسَّا بَسَّا *** مَلْسًا بِذَوْدِ الْحَلَسِيِّ مَلْسَا

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فُتِّتَتْ فَتًّا‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ فُتِّتَتْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ كَمَا يُبَسُّ السَّوِيقُ‏.‏

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَصْرِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ فُتَّتْ فَتًّا‏.‏

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى ابْنُ بِنْتِ السُّدِّيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ الْأَحْمَسِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السُّدِّيِّ وَأَبِي صَالِحٍ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ فُتِّتَتْ فَتًّا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ كَمَا يُبَسُّ السَّوِيقُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ صَارَتْ كَثِيبًا مَهِيلًا كَمَا قَالَ اللَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ فُتِّتَتْ فَتًّا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَعْنَى الْهَبَاءِ، فِي قَوْلِهِ هَبَاءً مُنْبَثًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ شُعَاعُ الشَّمْسِ، الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْكُوَّةِ كَهَيْئَةِ الْغُبَارِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ شُعَاعُ الشَّمْسِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ ‏{‏هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ شُعَاعُ الشَّمْسِ حِينَ يَدْخُلُ مِنَ الْكُوَّةِ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ شُعَاعُ الشَّمْسِ يَدْخُلُ مِنَ الْكُوَّةِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُوَ رَهْجُ الدَّوَابِّ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ‏:‏ رَهْجُ الدَّوَابِّ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُوَ مَا تَطَايَرَ مِنْ شَرَرِ النَّارِ الَّذِي لَا عَيْنَ لَهُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ قَالَ‏:‏ الْهَبَاءُ‏:‏ الَّذِي يَطِيرُ مِنَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَمَتْ، يَطِيرُ مِنْهُ الشَّرَرُ، فَإِذَا وَقَعَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ هُوَ يَبِيسُ الشَّجَرِ الَّذِي تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ كَيَبِيسِ الشَّجَرِ، تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ يَمِينًا وَشِمَالًا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏هَبَاءً مُنْبَثًّا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ الْهَبَاءُ‏:‏ مَا تَذْرُوهُ الرِّيحُ مِنْ حُطَامِ الشَّجَرِ‏.‏

وَقَدْ بَيَّنَا مَعْنَى الْهَبَاءِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِشَوَاهِدِهِ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏مُنْبَثًّا‏)‏ فَإِنَّهُ يَعْنِي مُتَفَرِّقًا‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏7- 12‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَكُنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْوَاعًا ثَلَاثَةً وَضُرُوبًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ مَنَازِلُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏}‏، وَهَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ عَنِ الْأَزْوَاجِ الثَّلَاثَةِ، يَقُولُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏:‏ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ، وَالسَّابِقُونَ، فَجُعِلَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ، مُغْنِيًا عَنِ الْبَيَانِ عَنْهُمْ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏}‏ يُعَجِّبُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا مِنْهُمْ، وَقَالَ‏:‏ ‏{‏مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏}‏ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ إِلَى الْجَنَّةِ، أَيُّ شَيْءٍ أَصْحَابُ الْيَمِينِ، ‏{‏وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ إِلَى النَّارِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْيَدَ الْيُسْرَى‏:‏ الشُّؤْمَى وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ‏:‏

فَأَنْحَى عَلَى شُّؤْمَى يَدَيْهِ فَذَادَهَا *** بِأَظْمَأَ مِنْ فَرْعِ الذُّوَابَةِ أَسْحَمَا

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏}‏ وَهُمُ الزَّوْجُ الثَّالِثُ وَهُمُ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي الْعَتَكِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ اثْنَانِ فِي الْجَنَّةِ وَوَاحِدٌ فِي النَّارِ، يَقُولُ‏:‏ الْحُورُ الْعِينُ لِلسَّابِقِينَ، وَالْعُرُبُ الْأَتْرَابُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ مَنَازِلُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هَوْذَةُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَوْفٌ، «عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إِلَى ‏{‏ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ‏}‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَّى بَيْنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَبَيْنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَكَانَ السَّابِقُونَ مِنَ الْأُمَمِ أَكْثَرَ مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏}‏‏:‏ أَيْ مَاذَا لَهُمْ، وَمَاذَا أَعَدَّ لَهُمْ‏؟‏ ‏{‏وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ‏}‏‏:‏ أَيْ مَاذَا لَهُمْ وَمَاذَا أَعَدَّ لَهُمْ‏؟‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏}‏‏:‏ أَيْ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ يَقُولُ‏:‏ وَجَدْتُ الْهَوَى ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ، فَالْمَرْءُ يَجْعَلُ هَوَاهُ عِلْمَهُ، فَيُدِيلُ هَوَاهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَيَقْهَرُ هَوَاهُ عِلْمَهُ، حَتَّى إِنَّ الْعِلْمَ مَعَ الْهَوَى قَبِيحٌ ذَلِيلٌ، وَالْعِلْمَ ذَلِيلٌ، وَالْهَوَى غَالِبٌ قَاهِرٌ، فَالَّذِي قَدْ جَعَلَ الْهَوَى وَالْعِلْمَ فِي قَلْبِهِ، فَهَذَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّارِ، وَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا اسْتَفَاقَ وَاسْتَنْبَهَ، فَإِذَا هُوَ عَوْنٌ لِلْعِلْمِ عَلَى الْهَوَى حَتَّى يُدِيلَ اللَّهُ الْعِلْمَ عَلَى الْهَوَى، فَإِذَا حَسُنَتْ حَالُ الْمُؤْمِنِ، وَاسْتَقَامَتْ طَرِيقُهُ كَانَ الْهَوَى ذَلِيلًا وَكَانَ الْعِلْمُ غَالِبًا قَاهِرًا، فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، خَتَمَ عَمَلَهُ بِإِدَالَةِ الْعِلْمِ، فَتَوَفَّاهُ حِينَ تَوَفَّاهُ، وَعِلْمُهُ هُوَ الْقَاهِرُ، وَهُوَ الْعَامِلُ بِهِ، وَهَوَاهُ الذَّلِيلُ الْقَبِيحُ، لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ نَصِيبٌ وَلَا فِعْلٌ‏.‏ وَالثَّالِثُ‏:‏ الَّذِي قَبَّحَ اللَّهُ هَوَاهُ بِعِلْمِهِ، فَلَا يَطْمَعُ هَوَاهُ أَنْ يَغْلِبَ الْعِلْمَ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ نِصْفٌ وَلَا نَصِيبٌ، فَهَذَا الثَّالِثُ، وَهُوَ خَيْرُهُمْ كُلِّهِمْ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ‏:‏ ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً‏}‏ قَالَ‏:‏ فَزَوْجَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَزَوْجٌ فِي النَّارِ، قَالَ‏:‏ وَالسَّابِقُ الَّذِي يَكُونُ الْعِلْمُ غَالِبًا لِلْهَوَى، وَالْآخَرُ‏:‏ الَّذِي خَتَمَ اللَّهُ بِإِدَالَةِ الْعِلْمِ عَلَى الْهَوَى، فَهَذَانَ زَوْجَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَالْآخَرُ‏:‏ هَوَاهُ قَاهِرٌ لِعِلْمِهِ، فَهَذَا زَوْجُ النَّارِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الرَّافِعِ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابَ الْمَشْأَمَةِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ‏:‏ خَبَرُ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ‏}‏ قَالَ‏:‏ وَيَقُولُ زَيْدٌ‏:‏ مَا زَيْدٌ، يُرِيدُ‏:‏ زَيْدٌ شَدِيدٌ‏.‏ وَقَالَ غَيْرُهُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ‏}‏ لَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ خَبَرَهُ، وَلَكِنَّ الثَّانِيَ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ تَعَجُّبٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا هُمْ، وَالْقَارِعَةُ مَا هِيَ، وَالْحَاقَّةُ مَا هِيَ‏؟‏ فَكَانَ الثَّانِي عَائِدَ الْأَوَّلِ، وَكَانَ تَعَجُّبًا، وَالتَّعَجُّبُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَلَوْ كَانَ اسْتِفْهَامًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَا يَكُونُ خَبَرًا، وَالْخَبَرَ لَا يَكُونُ اسْتِفْهَامًا، وَالتَّعَجُّبَ يَكُونُ خَبَرًا، فَكَانَ خَبَرًا لِلِابْتِدَاءِ‏.‏ وَقَوْلُهُ‏:‏ زَيْدٌ وَمَا زَيْدٌ، لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كَلَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُ الْوَاوُ فِي خَبَرِ الِابْتِدَاءِ، كَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ هَذَا زَيْدٌ وَمَا هُوَ‏:‏ أَيْ مَا أَشُدَّهُ وَمَا أَعْلَمَهُ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏}‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُمُ الَّذِينَ صَلَّوْا لِلْقِبْلَتَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏}‏ الَّذِينَ صَلَّوْا لِلْقِبْلَتَيْنِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ، قَالَ ‏{‏وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏}‏ أَوَّلُهُمْ رَوَاحًا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَأَسْرَعُهُمْ خُفُوقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏.‏

وَالرَّفْعُ فِي السَّابِقِينَ مِنْ وَجْهَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ مَرْفُوعًا بِالثَّانِي، وَيَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ السَّابِقُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِأُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُقَرِّبُهُمُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فِي بَسَاتِينَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏13- 21‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَقَلِيلٌ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ الْآخِرُونَ وَقِيلَ لَهُمُ الْآخِرُونَ‏:‏ لِأَنَّهُمْ آخِرُ الْأُمَمِ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَوْقَ سُرُرٍ مَنْسُوجَةٍ، قَدْ أُدْخِلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، كَمَا يُوضَنُ حِلَقُ الدِّرْعِ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مُضَاعَفَةً وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى‏:‏

وَمِنْ نَسْجِ دَاوُدَ مَوْضُونَةً *** تُسَاقُ مَعَ الْحَيِّ عِيرًا فَعِيرَا

وَمِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ، وَهُوَ الْبِطَانُ مِنَ السُّيُورِ إِذَا نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مُضَاعَفًا كَالْحِلَقِ حِلَقِ الدِّرْعِ‏:‏ وَقِيلَ‏:‏ وَضِينٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْضُونٌ، صُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ‏:‏ قَتِيلٌ لِمَقْتُولٍ‏:‏ وَحُكِيَ سَمَاعًا مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَزْيَارُ الْآجُرِّ مَوْضُونٌ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، يُرَادُ مُشَرَّجٌ صَفِيفٌ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ إِنَّمَا قِيلَ لَهَا سُرُرٌ مَوْضُونَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُشَبَّكَةٌ بِالذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَرْمُولَةٌ بِالذَّهَبِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَرْمُولَةٌ بِالذَّهَبِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ يَعْنِي الْأَسِرَّةَ الْمُرَمَّلَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْمَوْضُونَةُ‏:‏ الْمُرَمَّلَةُ بِالذَّهَبِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُشَبَّكَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏مَوْضُونَةٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ مَرْمُولَةٌ بِالذَّهَبِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ وَالْمَوْضُونَةُ‏:‏ الْمَرْمُولَةُ، وَهَى أَوْثَرُ السُّرُرِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏مَوْضُونَةٍ‏)‏ قَالَ مَرْمُولَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مُرَمَّلَةٌ مُشَبَّكَةٌ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ الْوَضْنُ‏:‏ التَّشْبِيكُ وَالنَّسْجُ، يَقُولُ‏:‏ وَسَطُهَا مُشَبَّكٌ مَنْسُوجٌ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ الْمَوْضُونَةُ‏:‏ الْمَرْمُولَةُ بِالْجِلْدِ ذَاكَ الْوَضِينُ مَنْسُوجَةٌ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ‏:‏ أَنَّهَا مَصْفُوفَةٌ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ مَصْفُوفَةٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُتَّكِئِينَ عَلَى السُّرُرِ الْمَوْضُونَةِ، مُتَقَابِلِينَ بِوُجُوهِهِمْ، لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى قَفَا بَعْضٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ فِي قَفَا صَاحِبِهِ، وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ ‏"‏مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا نَاعِمِين‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ‏"‏ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا نَاعِمِينَ ‏"‏‏.‏

وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَكَرْنَا مَا فِيهِ مِنَ الرِّوَايَةِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ يَطُوفُ عَلَى هَؤُلَاءِ السَّابِقِينَ الَّذِينَ قَرَّبَهُمُ اللَّهُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وِلْدَانٌ عَلَى سِنٍّ وَاحِدَةٍ، لَا يَتَغَيَّرُونَ وَلَا يَمُوتُونَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏(‏مُخَلَّدُونَ‏)‏ قَالَ‏:‏ لَا يَمُوتُونَ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ مُقَرَّطُونَ مُسَوَّرُونَ‏.‏

وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ‏:‏ إِنَّهُمْ لَا يَتَغَيَّرُونَ، وَلَا يَمُوتُونَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَرُ مَعْنَيَيْهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَبُرَ وَلَمْ يَشْمَطْ‏:‏ إِنَّهُ لَمُخَلَّدٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مُفَعَّلٌ مِنَ الْخُلْدِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ‏}‏ وَالْأَكْوَابُ‏:‏ جَمْعُ كُوبٍ، وَهُوَ مِنَ الْأَبَارِيقِ مَا اتَّسَعَ رَأْسُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خُرْطُومٌ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏بِأَكْوَابٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ الْأَكْوَابُ‏:‏ الْجِرَارُ مِنَ الْفِضَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْأَبَارِيقُ‏:‏ مَا كَانَ لَهَا آذَانٌ، وَالْأَكْوَابُ مَا لَيْسَ لَهَا آذَانٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْأَكْوَابُ لَيْسَ لَهَا آذَانٌ‏.‏

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ الْأَكْوَابِ، قَالَ‏:‏ هِيَ الْأَبَارِيقُ الَّتِي يَصُبُّ لَهُمْ مِنْهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ‏:‏ مَرَّ أَبُو صَالِحٍ صَاحِبُ الْكَلْبِيِّ قَالَ‏:‏ فَقَالَ أَبِي، قَالَ لِي الْحَسَنُ وَأَنَا جَالِسٌ‏:‏ سَلْهُ، فَقُلْتُ‏:‏ مَا الْأَكْوَابُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ جِرَارُ الْفِضَّةِ الْمُسْتَدِيرَةِ أَفْوَاهُهَا، وَالْأَبَارِيقُ ذَوَاتُ الْخَرَاطِيمِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏(‏بِأَكْوَابٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ لَيْسَ لَهَا عُرًى وَلَا آذَانٌ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ‏}‏ وَالْأَكْوَابُ الَّتِي يُغْتَرَفُ بِهَا لَيْسَ لَهَا خَرَاطِيمُ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنَ الْأَبَارِيقِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْأَكْوَابُ الَّتِي دُونَ الْأَبَارِيقِ لَيْسَ لَهَا عُرًى‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ الْأَكْوَابُ جِرَارٌ لَيْسَتْ لَهَا عُرًى، وَهِيَ بِالنَّبَطِيَّةِ كُوبًا، وَإِيَّاهَا عَنَى الْأَعْشَى بِقَوْلِهِ‏:‏

صَرِيفِيَّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُهَا *** لَهَا زَبَدٌ بَيْنَ كُوبٍ وَدَنٍّ

وَأَمَّا الْأَبَارِيقُ‏:‏ فَهِيَ الَّتِي لَهَا عُرًى‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏}‏ وَكَأْسِ خَمْرٍ مِنْ شَرَابٍ مَعِينٍ، ظَاهِرِ الْعُيُونِ، جَارٍ‏.‏ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏}‏‏:‏ قَالَ الْخَمْرُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏}‏ أَيْ مِنْ خَمْرٍ جَارِيَةٍ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏}‏ الْكَأْسُ‏:‏ الْخَمْرُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْخَمْرُ الْجَارِيَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، مِثْلَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا تُصَدَّعُ رُءُوسُهُمْ عَنْ شُرْبِهَا فَتَسْكَرَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تُصَدَّعُ رُءُوسُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ لَيْسَ لَهَا وَجَعُ رَأْسٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا تُصَدَّعُ رُءُوسُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا تُصَدَّعُ رُءُوسُهُمْ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا‏}‏ يَعْنِي وَجَعَ الرَّأْسِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏وَلَا يُنْزِفُونَ‏)‏ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَتْ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ ‏"‏يُنْزَفُون‏"‏ بِفَتْحِ الزَّايِ، وَوَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ لَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ‏.‏ وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ ‏(‏لَا يُنْزِفُونَ‏)‏ بِكَسْرِ الزَّايِ بِمَعْنَى‏:‏ وَلَا يَنْفَدُ شَرَابُهُمْ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ فِيهَا الصَّوَابَ‏.‏

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ اخْتِلَافِ الْقُرَّاءِ فِيهِ‏.‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَبَيَّنَا الصَّوَابَ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، غَيْرَ أَنَّا سَنَذْكُرُ قَوْلَ بَعْضِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخَالِفٌ مَعْنَاهُ هُنَالِكَ‏.‏

ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ‏:‏ مَعْنَاهُ لَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ‏.‏

وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ‏:‏ وَلَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ‏.‏

حَدَّثَتْ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ لَا تُنْزَفُ عُقُولُهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا يُغْلَبُ أَحَدٌ عَلَى عَقْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا يُغْلَبُ أَحَدٌ عَلَى عَقْلِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏"‏وَلَا يُنْزَفُون‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا تُغْلَبُ عَلَى عُقُولِهِمْ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَيَطُوفُ هَؤُلَاءِ الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ السَّابِقِينَ بِفَاكِهَةٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ الَّتِي يَتَخَيَّرُونَهَا مِنَ الْجَنَّةِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَتَشْتَهِيهَا نُفُوسُهُمْ ‏{‏وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَيَطُوفُونَ أَيْضًا عَلَيْهِمْ بِلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي تَشْتَهِيهِ نُفُوسُهُمْ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏22- 26‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا‏}‏‏.‏

اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ‏}‏ فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَبَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ ‏"‏وَحُورٍ عِين‏"‏ بِالْخَفْضِ إِتْبَاعًا لِإِعْرَابِهَا إِعْرَابَ مَا قَبْلَهَا مِنَ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُطَافُ بِهِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا مَعْنَاهُ الْمُرَادُ أَتْبَعَ الْآخِرَ الْأَوَّلَ فِي الْإِعْرَابِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ‏.‏

إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا *** وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا

فَالْعُيُونُ تُكَحَّلُ‏.‏ وَلَا تُزَجَّجُ إِلَّا الْحَوَاجِبُ، فَرَدَّهَا فِي الْإِعْرَابِ عَلَى الْحَوَاجِبِ، لِمَعْرِفَةِ السَّامِعِ مَعْنَى ذَلِكَ وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ‏:‏

تَسْمَعُ لِلْأَحْشَاءِ مِنْهُ لَغَطَا *** وَلِلْيَدَيْنِ جُسْأَةً وَبَدَدَا

وَالْجُسْأَةُ‏:‏ غِلَظٌ فِي الْيَدِ، وَهِيَ لَا تُسْمَعُ‏.‏

وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِالرَّفْعِ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ‏}‏ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَقَالُوا‏:‏ الْحُورُ الْعِينُ لَا يُطَافُ بِهِنَّ، فَيَجُوزُ الْعَطْفُ بِهِنَّ فِي الْإِعْرَابِ عَلَى إِعْرَابِ فَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ، وَلَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ بِمَعْنَى‏:‏ وَعِنْدَهُمْ حُورٌ عِينٌ، أَوْ لَهُمْ حُورٌ عِينٌ‏.‏

وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ‏:‏ إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ مَعَ تَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا، فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ‏.‏ وَالْحُورُ جَمَاعَةٌ حَوْرَاءُ‏:‏ وَهِيَ النَّقِيَّةُ بَيَاضُ الْعَيْنِ، الشَّدِيدَةُ سَوَادُهَا‏.‏ وَالْعِينُ‏:‏ جَمْعُ عَيْنَاءَ، وَهِيَ النَّجْلَاءُ الْعَيْنِ فِي حُسْنٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ هُنَّ فِي صَفَاءِ بَيَاضِهِنَّ وَحُسْنِهِنَّ، كَاللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ الَّذِي قَدْ صِينَ فِي كِنٍّ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ ثَوَابًا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ بِأَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا، وَعِوَضًا مِنْ طَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ شَدِيدَةُ السَّوَادِ‏:‏ سَوَادِ الْعَيْنِ، شَدِيدَةُ الْبَيَاضِ‏:‏ بَيَاضِ الْعَيْنِ‏.‏

قَالَ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ بِيضٌ عِينٌ، قَالَ‏:‏ عِظَامُ الْأَعْيُنِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ الدُّورِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الْحُورُ‏:‏ سُودُ الْحَدَقِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَاجِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ‏:‏ الْحُورُ‏:‏ صَوَالِحُ نِسَاءِ بَنِي آدَمَ‏.‏

قَالَ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، قَالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ خُلِقْنَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَتْنَا عَائِشَة امْرَأَةُ لَيْثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ خُلِقَ الْحُورُ الْعِينُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ لَيْثًا، ثَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ الْحُورُ الْعِينُ خُلِقْنَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏حُورٌ‏)‏ أَنَّهُنَّ يُحَارُ فِيهِنَّ الطَّرْفُ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ‏}‏ قَالَ‏:‏ يُحَارُ فِيهِنَّ الطَّرْفُ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ‏}‏ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَجَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ الصَّدَفِيُّ الدِّمْيَاطِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، «عَنْأُمِّ سَلَمَةَقَالَتْ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صَفَاؤُهُنَّ كَصَفَاءِ الدُّرِّ الَّذِي فِي الْأَصْدَافِ الَّذِي لَا تَمَسُّهُ الْأَيْدِي ‏"‏»‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا بَاطِلًا مِنَ الْقَوْلِ وَلَا تَأْثِيمًا، يَقُولُ‏:‏ لَيْسَ فِيهَا مَا يُؤَثِّمُهُمْ‏.‏

وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ ‏{‏لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا‏}‏ وَالتَّأْثِيمُ لَا يُسْمَعُ، وَإِنَّمَا يُسْمَعُ اللَّغْوُ، كَمَا قِيلَ‏:‏ أَكَلْتُ خُبْزًا وَلَبَنًا، وَاللَّبَنُ لَا يُؤْكَلُ، فَجَازَتْ إِذْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ يُؤْكَلُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا‏:‏ أَيْ اسْلَمْ مِمَّا تَكْرَهُ‏.‏

وَفِي نَصْبِ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏سَلَامًا سَلَامًا‏}‏ وَجْهَانِ‏:‏ إِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ تَابِعًا لِلْقِيلِ، وَيَكُونُ السَّلَامُ حِينَئِذٍ هُوَ الْقِيلَ فَكَأَنَّهُ قِيلَ‏:‏ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا، إِلَّا سَلَامًا سَلَامًا، وَلَكِنَّهُمْ يَسْمَعُونَ سَلَامًا سَلَامًا‏.‏ وَالثَّانِي‏:‏ أَنْ يَكُونَ نَصْبُهُ بِوُقُوعِ الْقِيلِ عَلَيْهِ، فَيَكُونَ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ‏:‏ إِلَّا قِيلَ سَلَامٍ فَإِنْ نُوِّنَ نُصِبَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏سَلَامًا سَلَامًا‏}‏ بِوُقُوعِ قِيلَ عَلَيْهِ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏27- 31‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ‏}‏‏.‏

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ‏}‏ وَهُمُ الَّذِينَ يُؤْخَذُ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَاتَ الْيَمِينِ، الَّذِينَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ يَا مُحَمَّدُ ‏{‏مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏}‏ أَيُّ شَيْءٍ هُمْ وَمَا لَهُمْ، وَمَاذَا أُعِدَّ لَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ، وَقِيلَ‏:‏ إِنَّهُمْ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زَاذَانَ أَبَا عَمْرٍو يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏}‏ قَالَ‏:‏ أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏:‏ أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ‏}‏‏:‏ أَيْ مَاذَا لَهُمْ، وَمَاذَا أُعِدَّ لَهُمْ، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ عَمَّاذَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ إِذَا هُمْ دَخَلُوهَا‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ هُمْ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ يَعْنِي‏:‏ فِي ثَمَرِ سِدْرٍ مُوقَرٍ حَمْلًا قَدْ ذَهَبَ شَوْكُهُ‏.‏

وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي تَأْوِيلِهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يَعْنِي بِالْمَخْضُودِ‏:‏ الَّذِي قَدْ خُضِدَ مِنَ الشَّوْكِ، فَلَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ خَضَدَهُ وَقَرَهُ مِنَ الْحِمْلِ، وَيُقَالُ‏:‏ خُضِدَ حَتَّى ذَهَبَ شَوْكُهُ فَلَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ لَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ قَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ خُضِدَ مِنَ الشَّوْكِ، فَلَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَحْمُوسِيُّ، عَنِ السَّفْرِ بْنِ نُسَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ خُضِدَ شَوْكُهُ، فَلَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ الْمُوقَرُ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا قَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيهِ شَوْكٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا شَوْكَ لَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا شَوْكَ فِيهِ‏.‏

وَحَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ مَرَّةً أُخْرَى، عَنْ مِهْرَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ‏:‏ لَا شَوْكَ لَهُ، وَهُوَ الْمُوقَرُ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ بَلْ عُنِيَ بِهِ أَنَّهُ الْمُوقَرُ حَمْلًا‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏(‏مَخْضُودٍ‏)‏ قَالَ‏:‏ يَقُولُونَ هَذَا الْمَوْقَرُ حَمْلًا‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْقَرُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْقَرُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ مُوقَرٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏{‏فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ثَمَرُهَا أَعْظَمُ مِنَ الْقِلَالِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ أَمَّا الْفَرَّاءُ فَعَلَى قِرَاءَةِ ذَلِكَ بِالْحَاءِ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ وَكَذَا هُوَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ‏.‏ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ‏"‏وَطَلْعٍ مَنْضُود‏"‏ بِالْعَيْنِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَرَأَهَا ‏"‏ وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُجَاهِدٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ قَرَأَ رَجُلٌ عِنْدَ عَلِيٍّ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ فَقَالَ عَلِيٌّ‏:‏ مَا شَأْنُ الطَّلْحِ، إِنَّمَا هُوَ‏:‏ ‏"‏ وَطَلْعٍ مَنْضُودٍ ‏"‏، ثُمَّ قَرَأَ ‏{‏طَلْعُهَا هَضِيمٌ‏}‏ فَقُلْنَا أَوَلَا نُحَوِّلُهَا، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ الْقُرْآنَ لَا يُهَاجُ الْيَوْمَ، وَلَا يُحَوَّلُ‏.‏ وَأَمَّا الطَّلْحُ فَإِنَّ الْمَعْمَرَ بْنَ الْمُثَنَّى كَانَ يَقُولُ‏:‏ هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ شَجَرٌ عِظَامٌ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَأَنْشَدَ لِبَعْضِ الْحُدَاةِ‏:‏

بَشَّرَهَا دَلِيلُهَا وَقَالَا *** غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ وَالْحِبَالَا

وَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ إِنَّهُ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى بَنِي رَقَاشٍ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الطَّلْحِ، فَقَالَ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ‏:‏ الطَّلْحُ الْمَنْضُودُ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ مَا الطَّلْحُ الْمَنْضُودُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الطَّلْحِ، فَقَالَ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرَّقَاشِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْزُ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي الطَّلْحِ الْمَنْضُودِ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَوْزُكُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْجَبُونَ بِوَجٍّ وَظِلَالِهِ مِنْ طَلْحِهِ وَسِدْرِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ قَسَامَةَ، قَالَ‏:‏ الطَّلْحُ الْمَنْضُودُ‏:‏ هُوَ الْمَوْزُ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْزُ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ الْمَوْزُ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ، إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْمَوْزَ الطَّلْحَ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏مَنْضُودٍ‏)‏ يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ نُضِدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَجُمِعَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ‏.‏

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ‏}‏ مُتَرَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْجَبُونَ بِوَجٍّ وَظِلَالِهِ مِنْ طَلْحَهِ وَسِدْرِهِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ يَقُولُ‏:‏ وَهُمْ فِي ظِلٍّ دَائِمٍ لَا تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ فَتُذْهِبَهُ، وَكُلُّ مَا لَا انْقِطَاعَ لَهُ فَإِنَّهُ مَمْدُودٌ، كَمَا قَالَ لَبِيَدٌ‏:‏

غَلَبَ الْبَقَاءَ وَكُنْتُ غَيْرَ مُغَلَّبٍ *** دَهْرٌ طَوِيلٌ دَائِمٌ مَمْدُودُ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ، وَقَالَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ خَمْسُ مِئَةِ أَلْفِ سَنَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِيَادٍ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا، فَقَالَ‏:‏ صَدَقَ وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى، وَالْفُرْقَانَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ، لَوْ أَنَّ رَجُلَا رَكِبَ حُقَّةً أَوْ جَذَعَةً ثُمَّ دَارَ بِأَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَا بَلَغَهَا، حَتَّى يَسْقُطَ هَرِمًا، إِنَّ اللَّهَ غَرَسَهَا بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ، وَإِنَّ أَفْنَانَهَا لِمَنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ نَهْرٌ إِلَّا وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زِيَادٍ مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ‏:‏ وَمَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ نَهْرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيَ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ أَلْفَ سَنَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ سَنَةٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ «وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏‏.‏ ‏"‏»

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الضُّحِي، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، شَجَرَةُ الْخُلْد»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا الضَّحَّاكِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ أَوْ مِئَةَ عَامٍ، هِيَ شَجَرَةُ الْخُلْد»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَبْدَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ سَنَةٍ لَا يَقْطَعُهَا، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ قَوْلَهُ‏:‏ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا فِرْدَوْسٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا لَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ سَنَة»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا خَالِدٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمِثْلِهِ عَنْ خِلَاسٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو حَصِينٍ، قَالَ‏:‏ كُنَّا عَلَى بَابٍ فِي مَوْضِعٍ وَمَعَنَا أَبُو صَالِحٍ وَشَقِيقٌ، يَعْنِي الضَّبِّيَّ، فَحَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ، فَقَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ إِنْ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا سَبْعِينَ عَامًا، فَقَالَ أَبُو صَالِحٍ أَتُكَذِّبُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ‏:‏ مَا أُكَذِّبُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَلَكِنِّي أُكَذِّبُكَ قَالَ‏:‏ فَشَقَّ عَلَى الْقُرَّاءِ يَوْمَئِذٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ حُدِّثْنَا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»‏.‏

قَالَ ثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَظِلٍّ مَمْدُودٍ‏}‏ قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَفِيهِ أَيْضًا مَاءٌ مَسْكُوبٌ، يَعْنِي مَصْبُوبٌ سَائِلٌ فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ ‏{‏وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ يَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏32- 38‏]‏

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ‏}‏‏.‏

يَقُولُ ‏{‏وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَفِيهَا ‏{‏فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ‏}‏ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا أَرَادُوهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، كَمَا تَنْقَطِعُ فَوَاكِهُ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْهَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا شَوْكٌ عَلَى أَشْجَارِهَا، أَوْ بُعْدُهَا مِنْهُمْ، كَمَا تَمْتَنِعُ فَوَاكِهُ الدُّنْيَا مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَرَادَهَا بِبُعْدِهَا عَلَى الشَّجَرَةِ مِنْهُمْ، أَوْ بِمَا عَلَى شَجَرِهَا مِنَ الشَّوْكِ، وَلَكِنَّهَا إِذَا اشْتَهَاهَا أَحَدُهُمْ وَقَعَتْ فِي فِيهِ أَوْ دَنَتْ مِنْهُ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا بِيَدِهِ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ، وَنَذْكُرُ بَعْضًا آخَرَ مِنْهَا‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا قَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ لَا يَمْنَعُهُ شَوْكٌ وَلَا بُعْدٌ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ وَلَهُمْ فِيهَا فُرُشٌ مَرْفُوعَةٌ طَوِيلَةٌ، بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ بِنَاءٌ مَرْفُوعٌ‏.‏

وَكَالَّذِي حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ ارْتِفَاعَهَا لَكُمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَمَسِيرَةُ خَمْسِ مِئَةِ عَامٍ ‏"‏‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَمْرٌو، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ‏}‏ ‏"‏وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ ارْتِفَاعَهَا‏.‏‏.‏‏.‏‏"‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ إِنَّا خَلَقْنَاهُنَّ خَلْقًا فَأَوْجَدْنَاهُنَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ‏:‏ يَعْنِي بِذَلِكَ‏:‏ الْحُورَ الْعِينَ اللَّاتِي ذَكَرَهُنَّ قَبْلُ، فَقَالَ ‏{‏وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ‏}‏، ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ وَقَالَ الْأَخْفَشُ‏:‏ أَضْمَرَهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ خَلَقْنَاهُنَّ خَلْقًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ، «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مِنَ الثَّيِّبِ وَالْأَبْكَارِ ‏"‏»‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ فَصَيَّرْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عَذَارَى بَعْدَ إِذْ كُنَّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ، «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ عَجَائِزَكُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ أَنْشَأَ عَجَائِزَكُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مِنْهُنَّ الْعَجَائِزُ اللَّاتِي كُنَّ فِي الدُّنْيَا عُمْشًا رُمْصًا ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ هُنَّ اللَّوَاتِي كُنَّ فِي الدُّنْيَا عَجَائِزَ عُمْشًا رُمْصًا ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِحْرِزٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا‏}‏ قَالَ‏:‏ فَهُنَّ الْعُجُزُ الرُّمْصُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا قَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا‏}‏ قَالَ‏:‏ إِنَّ مِنْهُنَّ الْعُجُزَ الرُّجَّفَ، أَنْشَأَهُنَّ اللَّهُ فِي هَذَا الْخَلْقِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً‏}‏ قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ كَانَ صَفْوَانُ بْنُ مِحْرِزٍ يَقُولُ‏:‏ إِنَّ مِنْهُنَّ الْعُجُزَ الرُّجَّفَ، صَيَّرَهُنَّ اللَّهُ كَمَا تَسْمَعُونَ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏أَبْكَارًا‏)‏ يَقُولُ‏:‏ عَذَارَى‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الصَّدَفِيُّ الدِّمْيَاطِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، «عَنْأُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ هُنَّ اللَّوَاتِي قُبِضْنَ فِي الدُّنْيَا عَجَائِزَ رُمْصًا شُمْطًا، خَلَقَهُنَّ اللَّهُ بَعْدَ الْكِبَرِ فَجَعَلَهُنَّ عَذَارَى ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْوَصَّابِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ثَابِتِ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا‏}‏ قَالَ‏:‏ هُنَّ مِنْ بَنِي آدَمَ، نِسَاؤُكُنَّ فِي الدُّنْيَا يُنْشِئُهُنَّ اللَّهُ أَبْكَارًا عَذَارَى عُرُبًا‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا غَنِجَاتٍ، مُتَحَبِّبَاتٍ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ يُحْسِنُ التَّبَعُّلِ وَهِيَ جَمْعٌ، وَاحِدُهُنَّ عَرُوبٌ، كَمَا وَاحِدُ الرُّسُلِ رَسُولٌ، وَوَاحِدُ الْقُطُفِ قُطُوفٌ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ‏:‏

وَفِي الْحُدُوجِ عَرُوبٌ غَيْرُ فَاحِشَةٍ *** رَيَّا الرَّوَادِفِ يَعْشَى دُوَنَهَا الْبَصَرُ

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏(‏عُرُبًا أَتْرَابًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْمَلَقَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ يَقُولُ‏:‏ عَوَاشِقُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي، قَالَ‏:‏ ثَنِي عَمِّي، قَالَ‏:‏ ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ الْمُتَحَبِّبَاتُ الْمُتَوَدِّدَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏

حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلَانِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ‏:‏ الْعُشَّقُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ الْمَغْنُوجَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ‏:‏ هِيَ الْمَغْنُوجَةُ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عُمَارَةُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ غَنِجَاتٌ‏.‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التَّيْمِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الشَّكِلَةُ بِلُغَةِ مَكَّةَ، وَالْغَنِجَةُ بِلُغَةِ الْمَدِينَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ يَعْنِي ابْنَ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانِ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ بِنَحْوِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ حُسْنُ تَبَعُّلِ الْمَرْأَةِ‏.‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمَ فِي ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعَرِبَةُ‏:‏ الْحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ‏.‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ حَسَنَةَ التَّبَعُّلِ‏:‏ إِنَّهَا لَعَرِبَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ حَسَنَاتُ الْكَلَامِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ،، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ عَوَاشِقُ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ الْمُتَحَبِّبَاتُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ‏:‏ الْعَوَاشِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ غَالِبٍ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ اللَّاتِي يَشْتَهِينَ أَزْوَاجَهُنَّ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ الْمُشْتَهِيَّةُ لِبُعُولَتِهِنَّ‏.‏

قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ‏:‏ الَّتِي تَشْتَهِي زَوْجَهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعَرِبَةُ‏:‏ الَّتِي تَشْتَهِي زَوْجَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلنَّاقَةِ‏:‏ إِنَّهَا لَعَرِبَةٌ‏؟‏

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ عُشَّقًا لِأَزْوَاجِهِنَّ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏عُرُبًا أَتْرَابًا‏}‏ يَقُولُ‏:‏ عُشَّقٌ لِأَزْوَاجِهِنَّ، يُحْبِبْنَ أَزْوَاجَهُنَّ حُبًّا شَدِيدًا‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ الْعُرُبُ‏:‏ الْمُتَحَبِّبَاتُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عُرُبًا أَتْرَابًا‏}‏ قَالَ‏:‏ مُتَحَبِّبَاتٌ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ‏.‏

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْعُرُبُ‏:‏ الْحَسَنَةُ الْكَلَامِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ‏:‏ هُنَّ الْعَوَاشِقُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الصَّدَفِيُّ الدِّمْيَاطِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، «عَنْأُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ‏:‏ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏عُرُبًا أَتْرَابًا‏}‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ عُرُبًا مُتَعَشِّقَاتٍ مُتَحَبِّبَاتٍ، أَتْرَابًا عَلَى مِيلَادٍ وَاحِدٍ ‏"‏»‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ أَبُو عَبِيدٍ الْوَصَّابِيُّ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏(‏عُرُبًا‏)‏ وَالْعُرُبُ‏:‏ الشُّوُّقُ‏.‏

وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ عُرُبًا بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ‏.‏ وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ ‏"‏عُرْبًا‏"‏ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ وَبَكْرٍ، وَالضَّمُّ فِي الْحَرْفَيْنِ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ لِمَا ذَكَرْتُ مِنْ أَنَّهَا جَمْعُ عَرُوبٍ، وَإِنْ كَانَ فَعَوْلٌ أَوْ فَعَيْلٌ أَوْ فِعَالٌ إِذَا جُمِعَ، جُمِعَ عَلَى فُعُلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ، مُذَكَّرًا كَانَ أَوْ مُؤَنَّثًا، وَالتَّخْفِيفُ فِي الْعَيْنِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي ذَكَرْتُ أَقْصَى الْكَلَامَيْنِ عَنْ وَجْهِ التَّخْفِيفِ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏أَتْرَابًا‏)‏ يَعْنِي أَنَّهُنَّ مُسْتَوَيَاتٌ عَلَى سِنٍّ وَاحِدَةٍ، وَاحِدَتُهُنَّ تِرْبٌ، كَمَا يُقَالُ‏:‏ شِبْهٌ وَأَشْبَاهٌ‏.‏

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ‏.‏

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ‏:‏ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَابُورَ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ الْأَتْرَابُ‏:‏ الْمُسْتَوِيَاتُ‏.‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ‏:‏ ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ‏:‏ ‏(‏أَتْرَابًا‏)‏ قَالَ‏:‏ أَمْثَالًا‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ‏:‏ ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ ‏(‏أَتْرَابًا‏)‏ يَعْنِي‏:‏ سِنًّا وَاحِدَةً‏.‏

حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، مِثْلَهُ‏.‏

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ‏:‏ ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ‏:‏ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏(‏أَتْرَابًا‏)‏ قَالَ‏:‏ الْأَتْرَابُ‏:‏ الْمُسْتَوِيَاتُ‏.‏

وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ‏}‏ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ‏:‏ أَنْشَأْنَا هَؤُلَاءِ اللَّوَاتِي وَصَفَ صِفَتَهُنَّ مِنَ الْأَبْكَارِ لِلَّذِينِ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ مِنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ إِلَى الْجَنَّةِ‏.‏